من يُحاسب على فوضى امتحانات القيادة في طرابلس؟

نارمين مرعب – طامحون

في زمن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، تتفاقم الفوضى الإدارية في مؤسسات الدولة اللبنانية. أحدث مشهد لهذه الفوضى يظهر جلياً في عودة امتحانات القيادة إلى “النافعة” بعد انقطاع دام سنتين، ولكن بتكاليف بشرية ولوجستية هائلة على المواطنين، خاصة في الشمال.

في طرابلس، لا تزال امتحانات القيادة عالقة بين غياب التجهيزات وتجاهل المسؤولين. إدارة معرض رشيد كرامي وافقت منذ شهر على تخصيص جزء من الباحة لإجراء الامتحانات، إلا أن المساحة غير مؤهلة وتتطلب تجهيزات بكلفة 25 ألف دولار. هذه المبالغ، رغم صغرها النسبي، تبدو بعيدة المنال في ظل انعدام الاستجابة من وزارة الأشغال أو أي جهة أخرى معنية.

تلاميذ القيادة في الشمال يُجبرون على النزول إلى بيروت لإجراء الامتحانات، في رحلة شاقة ومكلفة. أما إدارة “النافعة”، فتحاول جاهدة التنسيق مع المؤسسات المختصة، لكن يبدو أن الأبواب مغلقة، وحكومة تصريف الأعمال غارقة في غياب المسؤولية، ومدير عام “النافعة” الحالي هو مجرد مكلف في موقعه، ما يعكس حالة الضياع الإداري.

المفارقة الكبرى أن “النافعة” تُعتبر من المؤسسات الأكثر إدرارًا للأموال لخزينة الدولة عبر الرسوم اليومية. ومع ذلك، لا تجد الدولة مخصصات لإصلاح بسيط يكلف 25 ألف دولار، فيما يُترك المواطنون يدفعون أثمان الفشل الإداري من جيوبهم وأوقاتهم.

هل يعلم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بهذه الفوضى في منطقته الشمالية؟ أم أن قضايا المواطنين البسطاء أصبحت في ذيل أولويات الدولة المنهارة؟

وفي خضم الفوضى التي تعصف بمؤسسات الدولة اللبنانية، يبدو أن الرئيس ميقاتي، قد نسي تمامًا مدينته طرابلس وأهل الشمال. بينما يهرول في جولات دبلوماسية غير مثمرة، ويستعرض نفسه كصاحب الحلول الوطنية، يغرق أهل طرابلس في دوامة من الإهمال والتهميش. فهل تحركه مصالح الشمال كما يتحرك بحماسة لتقديم المساعدات للجنوب في أوقات الحرب؟

المفارقة أن ميقاتي، ابن طرابلس، يبدو وكأنه بات غريبًا عن معاناة أهلها. فبدلًا من أن يُسخّر نفوذه لحل مشكلة امتحانات القيادة العالقة منذ سنتين، ينشغل في تسويق صورة دولة لا تكاد توجد إلا على الورق.

ميقاتي، الذي يفترض أن يكون صوت الشمال في الحكومة، يُظهر عجزًا فاضحًا عن معالجة أبسط القضايا الحياتية لأهالي منطقته. وبدلًا من أن يخصص وقته لطرابلس المكلومة، ينشغل بتقديم الوعود الفضفاضة، وكأن المعاناة اليومية لأهله لا تعني له شيئًا.

ألا يعلم أن طرابلس تعاني من تهميش متعمّد، وأن سكانها باتوا يشعرون وكأنهم غرباء في وطنهم؟ أم أن كرسي السلطة الذي يجلس عليه أفقده الإحساس بواقع أهل مدينته؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى