رسالة مفتوحة إلى حزب الله وأنصاره: الأوطان لا تُبنى على الأوهام

طاهر بركة – طامحون

الحقيقة مؤلمة دائمًا، ولكن رفضها لن يؤدي إلا إلى ألم أكبر! فلنتخذ القرار الصائب الآن من أجل لبنان واللبنانيين. كل القوى اللبنانية أخطأت وخسرت وربحت وتقدمت وتراجعت ثم أكملت الطريق، صححت، وقامت بمراجعات، ولا تزال موجودة وبعضها أصبح أقوى.

ما نفع الفكرة بدون أناسها؟ ما نفع حزب بدون ساسته وقادته وبيئته؟ إلى متى يمكن الاستمرار بهذه الإمكانيات وهذا الواقع؟ ليس هناك شيء اسمه مذلة إذا عملنا في سبيل كرامة المواطن. ليس هناك من إهانة إذا ما تبين أننا أخطأنا الحساب الوطني فأعدناه. ليس ينقص أحدًا عزة أو كرامة ليعطى إياهما من أحد.

نحن جميعا أعزاء كرام نشمخ بوطنيتنا وحضارتنا وثقافتنا وعلمنا وأعمالنا وقيمنا وأخلاقنا وانتشارنا. لقد قاوم لبنان كثيرًا ودفع أثمانا باهظة بجميع مكوناته وكل بحسب وضعه ومكانه ومخاوفه وتحالفاته، ولكن إلى متى وما الهدف هذه المرة بالتحديد؟ لا أحبذ التشكيك بالنوايا الصادقة لدى شريحة كبيرة من مواطنين أحباء كرام ممن نشأوا وتربوا وترعرعوا وحتى اعتاشوا على أفكار معينة بعيدًا عن كثير تمحيص بسياسات إقليمية اتضح أنها في أضعف الإيمان وعلى أصفى التقديرات أنها غير قادرة على فعل المزيد لحمايتهم كي لا ندخل في سجالات أطول لا فائدة مرجوة منها اليوم.

لقد آن الأوان لأن نفكر بأن الوطن يجب أن يحل قبل الطائفة وقبل الحزب وقبل المصلحة الشخصية وقبل العلاقات الخارجية. آن الأوان لأن نعترف بأن الآخر ربما يكون على حق أحيانا لمصلحتك ومصلحته. آن الأوان لأن نعرف بأننا نخطئ وأنه عندما نخطئ يجب أن نتراجع ونصحح حتى في سبيل أنفسنا وأحزابنا وبيئتنا قبل الضرورة الوطنية مع أنها يجب أن يكون لها الأولوية.

قدرنا أن نعيش على مساحة عشرة آلاف وأربعمئة واثنين وخمسين كيلومترًا مربعًا ليس لنا غيرها في العالم أجمع، لا كوطن ولا كانتماء ولا كبديل، مهما علا شأن صداقاتنا وتحالفاتنا. ليس لنا إلا لبنان. فقط لا غير. ليس هناك في الدنيا أصعب من شعب بلا وطن. ليس هناك في الدنيا أصعب من أن نخسر الوطن. فلنتمسك به لئلا خسرناه.

نعم هذا احتمال وارد للأسف ولا سمح الله. كفانا شعرًا وشعارات! لم يعد لدينا متسع من الوقت. لم يعد لدينا متسع من الأرض. لم يعد لدينا رفاهية الاستعراض والنقاش بالتكتيكي والاستراتيجي. لقد غرقنا. نعم! نحن في أزمة وجودية حقيقية وعلى مشارف ما لا تحمد عقباه. فلنعد إلى السؤال الحقيقي الذي نسيه كثيرون وسط الحرب ولا إجابة عليه في الواقع بعيدا عن العنتريات. ما الهدف النهائي من هذه الحرب؟ لماذا فتحنا الجبهة؟

‏إنه مستنقع آسن دامٍ أُنزلنا إليه غصبًا عنا جميعا لأهداف لا علاقة لها بلبنان وهذا معلن بوضوح ممن فتح الجبهة. وكان هذا الجميع يعلم جيدا وبشكل تام الوضوح نحو أي مستنقع نحن قادمون.

بكل ما أوتيتُ من انتماء وطني وصدق وحسن نية، وبعيدًا حتى عن أي اهتمام بعرض قراءة سياسية أو صحافية، أختم كما بدأت: الحقيقة مؤلمة دائما ولكن رفضها لن يؤدي إلا إلى ألم أكبر! وفي وضعنا الحالي، الباقي كله وهم. والأوطان لا تبنى على الأوهام.

للانضمام إلى مجموعاتنا عبر الواتساب اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى