إعلام العار والتحريض العلني على دماء الأبرياء

نارمين مرعب

في لحظات المصير الكبرى، تتساقط الأقنعة وتنكشف الوجوه الحقيقية. وبينما يقاوم لبنان تهديداته الداخلية والخارجية، ترتفع بعض الأصوات المشبوهة في إعلامه المحلي، تلك التي تُبثّ تحت غطاء “حرية التعبير” لتصبح أداةً مباشرة بيد العدو الإسرائيلي، تمهّد لقتل الأبرياء وتحرض على سفك الدماء، مستخدمة الأكاذيب والتضليل.

إن ما نشهده اليوم من تقارير صحفية مدسوسة، تزعم بوجود مسلحين في مراكز الإيواء، خاصة في بيروت وضواحيها، ليس سوى دعوة صريحة للعدو لتوجيه نيرانه نحو النازحين اللبنانيين الأبرياء. هل هذه حرية رأي أم خيانة عظمى؟ كيف لقناة تلفزيونية أن تجرؤ على ترويج خطاب يصب في مصلحة العدو الصهيوني، ذاك الكيان الذي لم يتوقف يوماً عن التآمر على أرضنا وشعبنا؟

معالي وزير الإعلام، لنكن صريحين: دور وزارتكم في هذه اللحظة التاريخية ليس مجرد تسيير أعمال روتينية. نحن نواجه حربًا إعلامية خبيثة، محطات لبنانية تلبس ثوب الإعلام الحر وهي في واقع الأمر أبواق للعدو. إذا لم يُتخذ موقف حازم ضد هذه المحطات، فإن تاريخ لبنان سيسجل لكم تقاعسكم في حماية شعبه، في وقت كانت فيه الحاجة ملحّة لقرار حاسم.

قناة معينة، تتفنن في اللعب على أوتار الفتنة، أقدمت على خطوة غير مسبوقة في جرأتها وتحريضها على قتل المدنيين. هل ننتظر قصف مراكز الإيواء ليُصبح القتل حقيقة بعد أن مهدت له هذه القناة ببياناتها الكاذبة؟ أليس في ذلك تهديد صريح للأمن الوطني؟

بموجب قانون العقوبات اللبناني، الفصل الأول، النبذة الخامسة، من المواد 295 إلى 298، هذا النوع من التحريض الإعلامي يعادل التحريض على القتل، بل هو جريمة متكاملة الأركان. إذا كانت هناك قوانين تحمي الوطن من الخيانة والعمالة، فمتى ستطبق؟ متى سيرتفع صوت القضاء اللبناني ضد هؤلاء العملاء الذين يلبسون رداء الصحافة؟ وهل ستقف الأجهزة الأمنية مكتوفة الأيدي وهي ترى إعلامًا محليًا يفتح الباب للعدو ليواصل جرائمه؟

إن الدماء التي قد تسيل من الأبرياء بسبب هذه التحريضات، ستظل لعنةً تطارد أصحاب تلك المحطات الإعلامية الفاسدة التي باعت شرفها وكرامتها من أجل دعم رواية العدو. من يتجرأ على تهديد أمن البلاد وسلامة شعبه، لا يستحق إلا العقاب.

إلى متى سنبقى نسمح لهذا النوع من الإعلام المأجور أن يبث سمومه في عقول الناس ويثير الفتن؟ إذا كانت الحكومة مشغولة أو عاجزة عن حماية النازحين، هل يسقط الواجب على كل مواطن أن يتصدى لهذه المؤامرات بنفسه؟

إعلام الفتنة هذا لا يمكن أن يُعتبر حريةً، بل هو عمالة، خيانة، ويد ملطخة بدماء الأبرياء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى