
لم يظهر القائد المنتخب لحركة “حماس” المُطارد من إسرائيل، يحيى السنوار، في العلن منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، ولا حتى بعد تعيينه أخيراً رئيساً للمكتب السياسي للحركة، خلفاً لاسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران، قيما ينتظر منه العالم كلمة أو بياناً كرئيس للمكتب السياسي لحماس.
ويُعرف عن السنوار أنه منخرط في العمل السرّي ومقاتل بين الأنفاق في قطاع غزة حيث تدور حرب مدمّرة تركت أطناناً من الأنقاض وأوقعت قرابة أربعين ألف شهيد. أما هو فلم يظهر منذ اندلاع هذه الحربن لا في وسائل الإعلام ولا مواقع التواصل الاجتماعي، لا صورة ولا أي تسجيل صوتي.
تواصل بآليات معقدة
ويقول قيادي في حركة “حماس” لوكالة “فرانس برس” فضّل عدم الكشف عن اسمه إن “السنوار يقود حالياً الحركة، ويدير المواجهة بشكل مباشر مع الاحتلال، ولديه تواصل بآليات معقدة مع كافة الأطر القيادية للحركة في الداخل والخارج وقادة كتائب القسّام الميدانيين”. وأضاف أن السنوار أصلاً “رجل لا يجب الظهور، وهو يعتمد إجراءات أمنية معقّدة للحماية الشخصية، لكن هذا لا يمنعه من مواصلة مهامه والتواصل واتخاذ القرارات”.
وقال بعض من عرفوه خلال وجوده في السجون الإسرائيلية إنه “جدّي ومتكتّم جداً”، و”رجل الأمن الأول” الى “حدّ الهوس بالأمن”.
صور نادرة
وكانت صور السنوار نادرة أصلاً حتى قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة. وعلى الرغم من ترؤس هنية للحركة الإسلامية الفلسطينية، كان الانطباع بأن السنوار هو الرجل القوي في الحركة. ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن السنوار يعيش في أنفاق غزة. ويقول المحلّل الإسرائيلي مايكل ميلستين، وهو مستشار سابق لوزارة الدفاع الإسرائيلية حول الشؤون الفلسطينية، “هناك أسئلة كثيرة من دون أجوبة”.
تعقّب في الأنفاق
في منتصف شباط/فبراير، بثّ الجيش الإسرائيلي شريط فيديو مأخوذاً من كاميرا مراقبة اكتشفها خلال عملية في القطاع، بدا فيها رجل من الخلف يسير في نفق مع أشخاص آخرين بينهم أطفال. وقال الجيش إنه السنوار، وإن الصور التقطت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال المتحدث باسم الجيش، دانيال هاغاري في حينه، إن “المطاردة لن تتوقّف إلا عندما نعتقله حيّاً أو ميتاً”. وبعد وقت قصير، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت إن السنوار “فار”، وينتقل “من مخبأ الى مخبأ”.
ووصف مسؤولون إسرائيليون السنوار الذي ولد في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1962 في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة، بـ”أنه الميت الحي”، للدلالة على تصميم الدولة العبرية على استهدافه.
شائعات وتغذية الحرب
سرت شائعات لم يتمّ التحقّق منها بأن السنوار التقى بعض الرهائن المحتجزين. والأرجح أنها نتيجة إعلان يوشيفيد ليفشيتز (85 عاماً)، وهي إسرائيلية كانت محتجزة وأفرج عنها الى جانب أكثر من مئة آخرين نتيجة اتفاق هدنة في تشرين الثاني/نوفمبر، أنها رأت خلال فترة خطفها، مسؤولاً في حماس قالت إنه يحيى السنوار. وقالت الأجهزة الأمنية بعد استجواب المرأة إن من رأته لم يكن السنوار، وفق ما ذكر ابنها للقناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية.
ويثير غياب السنوار شائعات ويغذّي الأخبار الزائفة. قال البعض إنه خرج الى الشارع بعد تعيينه رئيساً للمكتب السياسي لحماس، وقال آخرون إنه التقي عائلات نازحة بسبب الحرب، وقيل أيضاً إنه غادر قطاع غزة. لكن لا دليل على صحة هذه الأخبار. كذلك يغذّي تواريه عن الأنظار سيناريوهات الحرب، من دون إمكان التحقّق منها.
مصير المخطوفين
وذكرت صحف إسرائيلية أن السنوار كان في مرمى نيران الجيش الإسرائيلي حتى تموز/يوليو الماضي، ولم يتمّ استهدافه لأنه “وحده من يقرر مصير المخطوفين” الذي خُطفوا أماكن متعددة في جنوب إسرائيل بعد هجوم حماس.
وقال العضو البارز السابق في جهاز الأمن الداخلي “شين بيت”، ميخا كوبي، الذي حقّق في الماضي مع السنوار في السجون الإسرائيلية، لصحيفة “معاريف”: “لا أحد يتدخّل مع السنوار في القرارات المتعلقة بالمخطوفين”. وأضاف كوبي إن السنوار كان “يتصرّف بشكل مستقلّ. (…) لا يستمع إلى القيادة السياسية لحماس في الخارج… هو من يقرّر التحرّكات لسبب بسيط وهو أنه قوي”. فيما يقول ميلستين: “لديه رجال كثيرون من حوله أوفياء له” يساعدون في حمايته.