
تشهد أسعار العقارات في مناطق سورية متفرقة، قفزات في أسعارها، خصوصاً في محافظتي دمشق وحلب لأسباب عديدة، أبرزها “غسيل الأموال” والانفتاح السياسي الإقليمي والدولي على النظام السوري.
في دمشق، بلغت نسبة الارتفاع أكثر من 50% خلال 2024، بحسب الخبير الاقتصادي محمد الجلالي، الذي قال لصحيفة “الوطن” الموالية للنظام، إن الارتفاع بأسعار العقارات لا يُقارن بمستوى الدخل، والأمر ينطبق على الإيجارات.
وفي حلب، أبلغت مصادر “المدن”، أن أسعار العقارات تضاعفت خلال الفترة الماضية، على خلفية الأنباء عن التحضيرات لإعادة افتتاح طريق حلب-غازي عينتاب، أمام حركة الشاحنات، ضمن مسار تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري.
ارتفاع الطلب
وأفادت المصادر بتراجع المعروض من العقارات مقابل ارتفاع الطلب، مؤكدة أن “أسعار المنازل ارتفعت بنسبة 100 في المئة”.
وأكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي فراس شعبو لـ”المدن”، أن سوق العقارات في سوريا يشهد ارتفاعاً منذ بداية 2024، مُرجعاً السبب إلى التطورات السياسية، ودخول الاستثمارات الخارجية، بشكل محدود، إلى البلاد، مع الإيحاء بأن الاستثمارات العربية آتية.
وأضاف أن من بين أسباب غلاء العقارات في سوريا، الظروف المعقدة في دول الجوار السوري بالنسبة للاجئين السوريين، إذ دفع التضييق عليهم في تركيا ولبنان وغيرها، إلى زيادة التفكير في العودة، ما حرك سوق العقارات إثر زيادة الطلب.
غسيل أموال
وتتوج ذلك كله، بحسب شعبو، عمليات “غسيل الأموال”، موضحاً أن “تجار وأثرياء الحرب، يقتنون الأصول (عقارات، سيارات)، بأسعار مرتفعة، لاستثمار الأموال غير المشروعة التي جُمعت من النفط والتهريب والتشليح”.
واعتبر أنه “من الطبيعي” أن تشهد أسواق العقارات طفرة، في ظل حالة التضخم وارتفاع تكاليف الإنشاء وأجور اليد العاملة، إلى جانب ارتفاع أسعار مواد البناء عالمياً.
وسبق وأن قَرَن أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، شفيق عربش، ارتفاع أسعار العقارات بعمليات “غسيل الأموال”، موضحاً أن “غسيل الأموال يكون بإخفاء العائدات التي تم اكتسابها بطريقة غير مشروعة، عبر ضخها في سوق العقارات، من خلال شراء عقارات ووضعها بأسماء أشخاص موثوقين لفترة مؤقتة، وشرائها في ما بعد، وبهذه الطريقة يتم تنظيف الأموال من أصولها القديمة”.
أموال إيرانية
من جهة أخرى، لفت شعبو إلى تسبب إيران في ارتفاع أسعار العقارات في سوريا، مبيناً أن الإيرانيين يواصلون شراء العقارات في دمشق وريفها، وحلب وحمص ودير الزور.
وتتحدث مصادر عن تساهل النظام السوري في الإجراءات القانونية التي تتيح التملك العقاري لغير السوريين (الأجانب)، إذ يتيح القانون السوري للأجانب تملك عقار واحد فقط للأسرة غير السورية، لغرض السكن، بعد الحصول على موافقة وزارة الداخلية.
وكانت سوق العقارات في سوريا قد شهدت حالة جمود ناجمة عن الأوضاع التي عاشتها البلاد منذ اندلاع الثورة في 2011، لكن رغم كل ذلك، بقيت أسعار العقارات “الفاخرة” في بعض أحياء دمشق تساوي في القيمة، أو تفوق قيمة العقارات في عواصم أوروبية.