لماذا يظهر الدواعش في كل مكان ويختفون في غزة؟

بينما تهيمن أجواء الحرب في غزة على المنطقة، بل العالم بأكمله، يطرح ملايين العرب، ومعهم أبناء الشرق الأوسط، أين أصبح تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” صاحب الرايات السود؟

ردد البعض التساؤل عبر شبكات التواصل الاجتماعي “أين تنظيمات الدولة الإسلامية والقاعدة مما يحدث في غزة؟” في تلميح إلى النظرية القائلة بأن التنظيمين “صنيعة أميركية وغربية”، يتحركان وفقا للتعليمات القادمة من واشنطن، وهو ما يصنف عادة في إطار “نظرية المؤامرة” الشهيرة.

ولكن السؤال يستحق البحث … أين أصبح تنظيم الدولة الإسلامية؟ هذا السؤال طرحه تقرير فرنسي عبر موقع “فرانس 24”.

ظهروا في موسكو وكرمان

آخر ظهور كبير للتنظيم كان في ضواحي موسكو مع الهجوم الذي استهدف مركز “كاركوس سيتي” التجاري وأسفر عن مقتل 130 شخصا وإصابة أكثر من 100 آخرين، في آذار (مارس) 2024، والذي سبقه تفجيرات في كرمان بإيران في كانون الثاني (يناير) 2024، عندما فجّر عنصران من التنظيم نفسيهما بجموع من الناس كانوا يحيّون ذكرى مقتل قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني

على خلاف التوقعات التي تركز على سوريا والعراق، يبدو التنظيم يتجه نحو القيام بعمليات في بلدان أخرى، وهو ما أكده اعتداء موسكو، ويتحدث بعض الخبراء عن استهداف محتمل لتركيا.

خريطة التنظيم الحالية

بعد أن كان المركز الرئيسي للتنظيم في سوريا والعراق، برزت ولايات جديدة في بلدان أخرى، مثل “ولاية خراسان” في أفغانستان التي يبدو انها تقود العمليات الخارجية.

ما هو تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان ولماذا هاجم موسكو؟

أعلن التنظيم عن قيامه بـ 1121 هجوما منذ آذار (مارس) 2023، أسفرت عن إصابة حوالي 4770 شخصا، واللافت هو أن هذه الإعلانات جاءت من “ولاية غرب أفريقيا” (نيجيريا وجنوب شرق النيجر) تليه ولايات التنظيم في سوريا والعراق وأفريقيا الوسطى (الكونغو الديمقراطية وموزمبيق).

خراسان مركز الثقل الآن

ويبدو أن مراكز ثقل التنظيم انتقلت إلى خراسان، وهو الفرع الذي يحدث الكثير من الضجة لأنه قام بعمليات في الخارج، ولكن الفرع المتواجد في منطقة الصحراء الإفريقية يبدو الأكثر خطورة، لأنه يعمل على بسط نفوذ التنظيم وإحكام السيطرة على مساحات شاسعة في دول المنطقة التي تعاني من أوضاع غاية في الاضطراب على المستوى الداخلي، وعلى مستوى القوى الدولية التي تستعين بها لمواجهة التنظيم.

عموما، يبدو أن أوضاع الفروع أو “الولايات” المختلفة تتنوع من حيث الحجم والقوة وفقا للظروف المحلية.

غرب إفريقيا.. نشاط واسع

شهدت 20 دولة على الأقل في أفريقيا نشاطا مباشرا لتنظيم الدولة الإسلامية، وأصبحت هناك محاور إقليمية تشكل ممرات لعدم الاستقرار في أفريقيا، خصوصا حوض بحيرة تشاد الذي يقول خبراء أنه أكبر منطقة عمليات للتنظيم.

الوضع يدفع الكثيرين للحديث عن “ولاية غرب إفريقيا” باعتبارها من أهم المراكز التابعة للتنظيم، الذي ينتشر في دول الساحل والصحراء، وتصل حدوده إلى موزمبيق ومالي وبوركينا فاسو ومناطق صحراوية في جنوب ليبيا.

ولكن عمليات استسلام عناصر التنظيم إلى الجيش في نيجيريا، أثارت، مؤخرا، اهتماما كبيرا، وآخرها تضمن استسلام 50 عنصرا، ويشير خبراء إلى انشقاقات التنظيم في تلك المنطقة كسبب لانسحاب عناصره واستسلامهم.

ويفسر الباحثون في الشؤون الإفريقية الأمر بأن تنظيم الدولة الإسلامية لم يتمكن من خلق حاضنة شعبية له في غرب أفريقيا، وارتفاع مستوى التنسيق بين جيوش المنطقة

سوريا والعراق.. أصل التنظيم

عودة إلى المركز التاريخي الذي شهد ميلاد تنظيم الدولة الإسلامية، وحيث يواجه التنظيم أقوى أعدائه متمثلا في “قوات التحالف” التي تدخل في مواجهات عنيفة مع التنظيم وتقتل الكثير من أعضائه، نظرا لأنه صعد من هجماته في البادية السورية، مؤخرا، حتى انها أصبحت شبه يومية، بالرغم من عمليات عسكرية تستهدفه بمساندة من الطيران الروسي.

ويبدو ان التنظيم يتحرك بمجموعات تنتشر في البادية السورية، التي تتألف من أعداد محدودة، ولكن أعضائها يتمبزون بالكثير من الشراسة.

وصعّد “داعش” من هجماته في البادية السورية خلال الأسابيع الماضية، لتتحول إلى هجمات شبه يومية برغم محاولات قوات النظام والمليشيات شنّ عمليات عسكرية في المنطقة بمساندة من الطيران الحربي الروسي.

الشام الولاية المركزية

ويعتقد بعض الباحثين أن ولاية الشام تظل الولاية المركزية للتنظيم، نظرا لوجود أعداد كبيرة من القادة في البادية السورية، خصوصا وأن البلاد تعاني من وضع هش أمنيا، وتوفر مساحات شاسعة لا يسيطر عليها النظام.

وهناك السؤال حول الدور التركي الذي ترك الآلاف من مقاتلي التنظيم لمحاربة القوات الكردية، قبل أن تختفي هذه الآلاف، ربما داخل تركيا.

يبقى ان معلومات استخباراتية تتحدث عن توجه التنظيم في سوريا والعراق إلى تجنيد فتيات صغيرات، مما يثير التساؤلات عما إذا كان يستعد لمرحلة جديدة، يقوم فيها باعتداءات إرهابية في الخارج، سواء في دول غربية أو غيرها.

هل نجحوا في مصر؟

أثار تنظيم الدولة الإسلامية في مصر، والذي يحمل اسم تنظيم “ولاية سيناء” الكثير من الضجة خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب، أولها، وجوده في شبه جزيرة سيناء وهي منطقة استراتيجية، لعدة أطراف إقليمية، والاشتباكات العنيفة التي خاضها مع الجيش المصري ومقاتلي بعض القبائل التي تحالفت مع الجيش المصري، واستفاد التنظيم إلى حد كبير من الطبيعة الجغرافية لسيناء.

ويبدو ان السلطات المصرية، وبعد سنوات من شبه الحرب التي دارت في شبه الجزيرة، لجأت إلى سلاح آخر بدأ يأتي بنتائج، إذ أكدت “هيومن رايتس ووتش” و”مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان” أنه يبدو أن السلطات المصرية أبرمت صفقات عفو غامضة في السنوات الأخيرة مع أعضاء مشتبه بانتمائهم إلى تنظيم “ولاية سيناء”، بما في ذلك قياديين تم نقلهم إلى أماكن مجهولة حيث يعيشون مع عائلاتهم، وهي العملية التي ساعد فيها زعماء القبائل المحلية في شمال سيناء.

صفقات العفو

صفقات العفو هذه تثير الكثير من الانتقادات، لأن التنظيم ارتكب جرائم مروعة، وحوالي 650 مدني قتلوا على يد التنظيم خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة لعملية استهدفت مسجدا وسقط فيها، وحدها، 300 قتيلا، مما دفع البعض للتساؤل عن كيفية العفو عن المسؤولين عن هذه الجرائم وإطلاق سراحهم بينما يحتفظ النظام، منذ سنوات، بأشخاص لمجرد أنهم نشروا انتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي.

عموما، كانت “ولاية سيناء” تنظيما صغيرا، أفقدته الاشتباكات مع الجيش أغلب مواقعه وقواه بحلول العام 2020، وتؤكد البيانات الرسمية وتقارير إعلامية انه تم القضاء على التنظيم تماما في سيناء عام 2022.

– ايلاف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى