
خاص – طامحون
لسنا في معرض الدفاع عن القاضي عبد الرحمن شرقية، ولسنا أهلاً للبت أو للنظر في مسألة لا يحسمها إلا أهلها، لكننا ندلو بدلونا استنادًا إلى ما نعرفه من اللياقات والأصول، وانطلاقًا من غيرة طبيعية على هذه المؤسسة وأهلها، وعلى ما يُرتبه التراشق العلني من إصابة بليغة في المقتل، ليس لرئيس محكمة أمسك مهمته على مدى أكثر من ثلاثة عقود، بل لهيبة هذا الموقع ورفعة أهله وكرامة جموع المؤمنين.
نعرف لبنان جيدًا، ونعرف مؤسساته، ونعرف دار الفتوى، ونعرف مفتي الجمهورية، ونعرف رئيس المحاكم، ونعرف كيف تُدار الأمور، ولو أنها كانت تُدار على مبدأ الثواب والعقاب، وأن كل مستحق يصل إلى حقه وإلى موقعه بعيدًا من الضغوط السياسية والأسماء المعلّبة، لكنّا سلمنا جدلاً بتحويل القاضي عبد الرحمن شرقية إلى مجالس التفتيش، لكننا نعلم وندرك، بل ونقسم بأغلظ الأيمان، أن أحدًا منهم ما كان يستطيع أن يمس الرجل ولو بوردة، لو أن في ظهره من يحميه ويدفع عنه، ولكانت حينذاك محاكم التفتيش ومجالس التأديب قد استحالت تكريمًا موصوفًا أو ترفيعًا في المناصب وفي المكانة، وهذا تمامًا ما يدركه عموم الناس.
من المعيب والمثير للقلق أن تتحول مؤسساتنا الدينية والشرعية إلى حلبة للصراع والتشفي وكسر العظام، غير آبهين بما قد يترتب عن هذه الصراعات العبثية والإجراءات الكيدية من تقويض مستدام لكل المداميك التي تستند إليها الروح العميقة لهذه المؤسسات، وإن كان لزامًا على القائمين على حُسن سيرها أن يسلكوا مسلك المحاسبة لانتظام العمل العام، فإن للمحاسبة أصول لا تخفى أحد، ولو أن كل مؤسسة عمدت إلى التشهير بكوادرها عبر بيانات وتعميمات علنية، لصارت بمن فيها آثرًا بعد عين.
لا يجوز ما حدث ولا يصح ولا ينزل إلا في منزلة الانتقام والتشهير والتشفي، وهذه خطيئة كبرى تُضاف إلى أخطاء لا تُغتفر، ولو كان لنا أن نقول لهؤلاء وغيرهم، لقلنا فيهم ما يُثلج القلب، لكننا نخشى الله، ونأبى أن نساهم معهم في تدمير ما بقي من مؤسساتنا وسمعتنا وكرامتنا بين الأمم.