
بادية فحص – درج
منذ بداية العدوان على غزة، تستهدف آلة الحرب الإسرائيلية النساء والأطفال عمداً، ويشكل الضحايا من هاتين الفئتين 70 بالمئة من ضحايا الحرب، ومن بين 1.9 مليون شخص نازح في غزة، هناك ما يقرب من مليون امرأة نازحة.
وعلى مدى شهور الحرب، هُجِّرت نساء غزة مع أطفالهن ليس مرة واحدة فقط، بل مرات عدة، ما ترك آثاراً نفسية وجسدية ومادية مدمّرة على هاتين الفئتين.
كل ساعة تمر من عمر الحرب تُقتل أمّان في غزة على الأقل، أو ما يقارب 37 أماً يومياً، ويترك أطفالها من دون أدنى دعم نفسي أو مادي. وأظهرت إحصاءات المؤسسات المرتبطة بالأمم المتحدة أنه “حتى آذار/ مارس الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية نحو 9000 امرأة و12 ألف طفل”، هذا إضافة إلى وجود ما لا يقل عن 17 ألف طفل فقدوا كلا الوالدين، وعدد أكبر فقدوا أحدهما.
وهناك تقارير تحدثت عن حالات إعدام أُجريت على طرقات النزوح، كان ضحاياها نساء وأطفال، وقد استُهدفوا عمداً وهم يحملون الأعلام البيضاء أثناء فرارهم إلى أماكن أكثر أماناً.
يتم إعدام النساء غالباً مع أفراد أسرهن، خصوصاً أطفالهن، وقد اختفى عدد غير معروف من النساء والأطفال في مناطق شمال غزة، لم يُعرف عنهم شيئاً حتى الساعة، كما لم يُعثر على جثثهم بعد، وهناك أطفال فُصلوا عن والديهم، وما زالوا مجهولي العناوين بالنسبة الى ذويهم وأقاربهم، وسجلت تقارير صحافية نقل طفلة واحدة على الأقل قسراً إلى إسرائيل.
علاوة على الإبادة الجسدية، تتعرض النساء الفلسطينيات في غزة لسلوكيات إنسانية مهينة من الجيش الإسرائيلي. وفي هذا السياق، كشفت ريم السالم، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، أنها تلقت تقارير “مروعة عن تجريد نساء من ملابسهن وتصويرهن، بخاصة أثناء الاستجواب، وقد تبادل الجنود صورهن في ما بينهم وعلى شبكة الإنترنت”، وهذا يدعم التقارير الصحافية والشهادات الشخصية التي تحدثت عن حالات اعتداء وتحرش جنسي، واعتقالات وقتل عمد بحق النساء الفلسطينيات على أيدي ضباط إسرائيليين.
معاناة النساء الفلسطينيات في غزة مزدوجة، فردية وجماعية، فلا تكاد توجد امرأة في غزة لم تفقد فرداً أو أكثر من عائلتها، بمن فيهم أطفالها، والناجيات لا يملكن رفاهية الحداد على أحبائهن وأحياناً كثيرة دفنهم. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فقدت ثلاثة آلاف امرأة تقريباً أزواجهن خلال الحرب، وبتن يواجهن نقصاً حاداً في الغذاء، بصفتهن معيلات وحيدات، لعدم قدرتهن على الوصول إلى مصادر الغذاء.
وفي الأشهر الأولى للحرب، واجهت 50 ألف امرأة حامل عوائق مادية ومشاكل صحية ونفسية قاسية ومؤلمة بسبب الحرب، وتمت 183 ولادة يومياً من دون تخدير ومسكنات، بسبب نقص الخدمات الطبية والصحية وغياب الأطباء والممرضات أو القابلات، وانعدام الرعاية أثناء الولادة وبعدها لصعوبة الوصول إلى المساعدة. وحُرمت 45 ألف امرأة من الحصول على الخدمات الإنجابية الأساسية، وولد نحو 5000 طفل في ظروف سيئة للغاية، كما تسببت الحرب بحالات إجهاض خطرة على الحياة نتيجة إصابة الأم أو خوفها، وبولادات مبكرة للسبب ذاته، عدا عن مقتل عدد من الأمهات مع أجنتهنّ. وأنجب عدد كبير من الحوامل أطفالهن في المخيمات وفي أماكن غير مناسبة للولادة، 40 بالمئة من الحوامل تعرضن لخطر التسمم والالتهابات، ومن احتجن منهن لعملية ولادة قيصرية، خضعن لها من دون تخدير ولا مطهرات ولا مضادات حيوية لمعالجة التهابات ما بعد الولادة، إضافة إلى تحديات في الحصول على الرعاية الطبية والتغذية والرعاية الكافية بعد الولادة.